بعد ما كنت قررت أتكلم في المدونة دي على الأمومة بصفتها تجربة إنسانية، حسيت إن الموضوع ممكن يكون أكثر تعقيدا من ده.. وإن على قد ما أنا نفسي أتكلم عن تميم وعن مراحل نموه وعن مشاعري ناحيته، على قد ما أنا حابه –كمان- أنقل خبرتي المتواضعة في التعامل مع احتياجاته..سواء النفسية أو الجسمانية، ونفسي فعلا أكتب حاجة الامهات الجداد يستفيدوا منها ويشاركوني آراءهم..والأمهات القدام كمان (قال يعني أنا قدمت!) يحكولنا خبراتهم.. يعني لو تسمحولي نخلي المدونة دي فسحة نتبادل فيها الآراء والخبرات..
أول حاجة جت على بالي هي إطعام الرضيع.. ودي كانت مشكلة كبيرة عندي شخصيا وسببت لي أزمات كتير.. من الناحية الأولى، كل الامهات وخاصة الأجيال الأكبر مننا بيشوفوا إن اللي عملوه معانا هو الصح وعين العقل ومفيش أحسن من كده! في حين إن بعض من أفكارهم الغذائية المدمرة ممكن تكون غلط جدا وتسبب مشاكل في الهضم..
ومن ناحية تانية بتلاقي إن أصابع اتهام كتيرة موجهه ليكي (سواء قررتي تأكلي طفلك بدري أو متأخر) وبتلاقي الامهات اللي بتختلف معاكي بيكون عندها نوع من التعالي العجيب كأنهم فازوا عليكي في مسابقة أحسن أم و"ياااي إنتي بتأكلي ابنك زبادي أنا بأكل ابني كريم كراميل!!".. مع العلم بأن الأمومة مش مجال للمنافسة أساسا! ولا مجال للتباهي! كل طفل له طبيعته واحتياجاته، وكل أم بتكون أكتر واحدة قادرة تلبي احتياجات طفلها..
أنا مثلا قبل الولادة، كنت مقررة لتميم إنه يرضع طبيعي (وبدون أي مكملات غذائية) لمدة 6 شهور.. لأن الدراسات العلمية الحديثة بتقول الكلام ده والدكاترة كمان.. لكن عند سن 4 شهور لقيت إني تقريبا طول الـ24 ساعة مش باعمل حاجة غير رضاعة وتميم كمان شكله مش شبعان.. وعشان كده قررت أدخل الأكل الصلب.. سألت الدكتور وقرأت في كتب ومواقع عن نوعيات الأكل اللي ممكن أقدمها لتميم وقد كان..
لما تميم كمل 4 شهور بدأت له مع الزبادي.. معلقة صغيرة وبدأت معاه بالتدريج الممل.. معدة الأطفال بتكون صغيرة جدا ومش بتستوعب غير كميات قليلة.. ده طبعا ما يمنعش إني في المرة الأولى لما لقيته بياكل وسعيد بالزبادي ادت له 4 معالق فما كان منه إلا إنه رجعهوملي بمجرد ما خلص الأكل.. وده الجدول اللي مشيت عليه زي ما قال الدكتور وزي ما قالت الكتب..
جدول إطعام الأطفال..
من 4-5 شهور: زبادي + سيريلاك (اختاري النوع اللي بيحتاج مياة فقط ولو اختارتي النوع اللي بيحتاج لبن بيقى تضيفي لبن صناعي للأطفال مش اللبن العادي بتاعنا بتاتا) وكمان زودي كمية المياه في الأول وبعدها زودي الكثافة بالتدريج (الارشادات على العبوة) + شوفان (اللي هو كويكر) مسلوق في مياه
من 6-8 : إضافة موز مهروس + تفاح مهروس + خوخ مهروس + أفوكادو (موجود في مصر بس غالي شوية) + كوسة مهروسة + جزر مسلوق ومهروس
· ضيفي نوع فاكهة أو خضار واحد كل مره ولاحظي عملية الهضم والاخراج وكمان خلي بالك لإن فيه أنواع خضار ممكن تسبب حساسية لبعض الأطفال.
من 8-10: إضافة جبنة نستو + صفار بيض + فراخ (تضرب مع الطعام في الخلاط لسهولة البلع في الأول) + سمك (مسلوق أو مشوي وطبعا فيليه) + بروكلي (يتسلق في مياه بتغلي لفترة صغيرة والغطا مقفول بعدها يصدم في حمام ماء بالثلج)
من 10-12: إضافة خبز (من الأفضل البداية بالخبز المصنوع من القمح الأسمر (البلدي أو التوست البني)) + لحوم حمراء + مكرونة (مسلوقة وممكن تضيفي عليها خضار بيوريه كأنه صوص)
ملحوظات هامة:
في السنة الأولى ممنوع الملح: لإنه بيزود احتمالية إصابة الأطفال بضغط الدم لما يكبروا
في السنة الأولى ممنوع السكر: ممنوع استخدام السكر العادي (بتاع الشاي) مع الرضع لإنه بيعمل غازات ومشاكل ولو محتاجة تحلي حاجة ضروري يفضل استخدام عسل النحل الصافي وبكميات قليلة جدا.
في السنة الأولى ممنوع الألبان: اللبن البقري بأشكاله (كامل دسم – نص دسم – ربع دسم!)
فكرة :
الحاجة اللي كانت ومازالت بتسعفني دلوقت هي إني أطبخ لينا ولتميم مقدما.. يعني أكل تميم باعمل منه كمية وأشيل في الفريزر.. وكمان ممكن أطبخ لينا لما يكون تميم نايم لإنه لما بيصحي –وأعتقد إن كل الأمهات عارفة- مش باعرف أعمل منه حاجة! :)
--
مع تميم
Friday, May 22, 2009
هم النم يا طمطم
Thursday, January 8, 2009
آليات الصمود
صارت لدي عادة جديدة أمارسها قبل النوم كل يوم في سريري بعد اختلاس قراءة عدة صفحات من كتاب ما وترديد المعوذتين والصمد والفاتحة سرا عدة مرات ويدي اليمنى تلامس تميم واليسرى على رأس زوجي. صرت –كي أتمكن من النوم- أتخيل عقلي وكأنه غرفة كبيرة ممتلئة بكراكيب الأفكار- أفكار عن وصفات طعام لوجبات تميم الأولى.. عن رغبتي الملحة في تعلم الرسم بشكل أكثر احترافية عوضا عن بعثرة الألوان في كل مكان على الورق الأبيض.. عن ضرورة تفريغ أكياس البقالة في المطبخ.. عن قصص قصيرة مبتورة.. عن ضرورة تحصين نفسي بأشياء جميلة –أولها لوحة كبيرة دافئة الألوان ومبهجة تعلق على أي حائط من حوائط المنزل لتؤنسني وتحميني من البرد في هذا الشتاء الغامق!
قلت أتخيل عقلي وكأنه غرفة أرضيتها باركيه وبها شباك كبير يتصدر الحائط الوحيد الذي يظهر جزء منه في وسط هذه الكراكيب.. النافذة تمد الغرفة باضاءة خفيفة في حين أتناول مكنسة يدوية (مقشة) وأكوِّم كراكيب الأفكار على جانبي الغرفة حتى تخلو المساحة أمام عيني تماما.. وكلما أقبض على فكرة تتمشي في فضائي لا أناقشها، بل أكنسها بعيدا حتى لا أفكر في شيء..
اسمح لصورة واحدة فقط أن تسبح في ذهني.. فتاة صغيرة ترتدي فستان واسع قصير مشجر بوردات صغيرة تدور حول نفسها مقلدة حركات راقصات البالية.. تدور وتدور وتدور..
حتى أنام..
***
تلهمني لحظات إخلاء الذهن هذه وتذكرني بأنه مر زمن طويل على آخر مرة مارست فيها التأمل بشكل جدي.. منذ حملي بتميم تقريبا.. والتأمل –عبر تمارين اليوجا مثلا أو بالجلوس فقط ومراقبة التنفس- علمني كيف أستمع إلى جسدي.. كيف أتعامل معه.. كيف أحدد ما يوجعني فيه وكيف أراقبه وأهتم به.. لكن لا شيء علمني أن أحترم جسدي مثل تجربة الولادة..
طوال التسعة أشهر وأنا أتعامل مع وجود طفل داخلي ومع بطني المنتفخة وكأنها جزء مني.. وكأن شكلي سيصبح هكذا للأبد.. وكأن ما زاد بداخلي هو مجرد امتداد للأمعاء مثلا أو عضو جديد مستحدث "ثابت". حتى عندما كنت استشعر ركلات "تميم" لم أكن أتصور معنى أن يخرج هذا الكائن للنور.. وماذا سيحدث لجسدي بعدها والأهم أين سيذهب الانتفاخ وكيف سأعيش بدونه؟
أن أدخل في غيبوبة واستيقظ لأجد أنني أصبحت اثنان.. الأول واحدة قد تشبهني من بعيد والآخر كائن متناهي الصغر متورم مليء بالصراخ.. هذا أمر قد يقود للجنون.. بل معجزة كنت استوعبها تدريجيا على مدار شهور، ولا أعتقد أنني سأستوعبها تماما أبدا.
لذا عندما قررت العودة للتأمل للمرة الأولى عبر اليوجا لم أكن مجهزة نفسيا تماما لما حدث..
فالجسد صار أشبه بآلة قديمة "مركونة".. كل حركة يلازمها صرير من نوع ما.. حتى أذني شرعت في الطنين بمجرد أن أملت رأسي للأمام لعدة دقائق.. لكنني رحبت بالتجربة وقاتلت من أجلها.. أعلنتها له بعبارة واضحة وقاطعة ومترجية وتكاد أن تمتزج بالدموع "لا أريد أي إزعاج لمدة نصف ساعة فقط من فضلك.. سأغلق الغرفة عليّ، وإذا استيقظ تميم العب معه في أبعد مكان بالشقة" وسعدت فعلا بنصف ساعة اليوجا تلك، بالرغم من خذلان جسدي لي..
***
(بعد مرور أيام على كتابة ما سبق...)
أمام إناء يغلي على النار وفي فترة قيلولة تميم –التي لا تزيد عن ربع ساعة بأي حال من الأحوال- أقف عاقدة حاجبي وأسأل نفسي عن نفسي.. وعن مكانها من أنا.. واعترض في ذهني على لقب "أم تميم" فهو –بقدر روعته- يصنفني ويلخصني ويبترني..
أقول لنفسي "شاطرة..بتقاوحي..شاطرة.. لسه بتفكري".. وأكافيء نفسي على اقتناصي للحظات التأمل السابقة بالشيكولاتة البيضاء التي أطلبها من زوجي فيأتي لي بها من محل تحت البيت.. وعندما يأتي أخبره ما بقلبي.. أخبره عن خوفي من ألا أصبح غادة التي أحبها.. ثم أثور.. أقول له أن كثرة الأدوار أربكتني.. كيف أكون الحبيبة والصديقة والشغالة والممرضة والطباخة والأم والعشيقة؟ القارئة والكاتبة والمترجمة؟ المثقفة المطلعة على أحدث الأخبار وكبيرة خبراء تغيير البامبرز؟ كيف أكون تلقائية بعد أن صار يلزمني ساعات لتجهيز شنطة تميم قبل الخروج من المنزل؟ كيف أكون متوازنة نفسيا وفي نفس الوقت مصابة بوسواس قهري يتعلق بتعقيم كل ما تصل إليه يد تميم؟
أقول له كل هذا كما هو.. متطاير.. مبعثر.. غاضب..في غير وقته ربما.. ينظر لي قبل أن يضع الشيكولاتة في يدي ويقول: عارف إنك بتقاومي.. صدقيني عارف..
Sunday, December 21, 2008
وبعد تفكييير كثييير
لكنها "المقاوحة" يا اعزائي.. المقاوحة التي تدفعني للتمرد على هذا كله ولكتابة هذه التدوينة الساعة الرابعة صباحا (أي بعد نوم تميم بساعة).. ورغبتي أيضا في الحكي عن تجربة الأمومة الجديدة وفي استخدامها كمصدر للإلهام لأنها –الأمومة- أصبحت معظم ما يشغلني الآن وهي ما "يحدث" في حياتي هذه الأيام .. ولأنها –الأمومة برضة- تجربة تستحق أن تُعاش وأن يكتب عنها..
لا أطمح في الكتابة عن تجربتي كمثال يحتذى به وأنا لا أدعي كوني أما مثالية لا سمح الله.. سأحدثكم فقط عن تلك التجربة الإنسانية المدهشة.. حلوها ومرها.. عن الفرح والسعادة ..وعن الكوابيس والخوف.. عن القلق.. عن الصبر.. عن المهام الجديدة.. والمشاعر الجديدة..
عن ضحكة تميم.. عن نظرته لوالده.. وعني وعنه.. وعن بيتنا الذي تغيروصار أكثر دفئا ..بعد أن شرفنا تميم